تُعالج خطب الجمعة القضايا اليومية التي تهم المسلم في دينه ودنياه، إذ يتم من خلالها التذكير بالنصوص الشرعية القرآنية والسنة النبوية التي تناقش المواضيع المطروحة في الخطبة. يُعتبر حضور خطبة الجمعة واجبًا على المسلم بإجماع الفقهاء، نظرًا لدورها التوعوي البالغ الأهمية في تعزيز أخلاق النبي ﷺ وأخلاق السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين.
خطبة الجمعة مكتوبة بالتشكيل
تتضمن السطور التالية نصًا كاملاً عن فريضة الحج في الإسلام مكتوبة بالتشكيل
- الخطبة الأولى
الْحَمْدُ للهِ … الْحَمْدُ للهِ مَا طَارَ طَيْرٌ وَارْتَفَعَ … الْحَمْدُ للهِ مَا دَامَتِ الرُّوحُ بِالْجَسَدِ … الْحَمْدُ للهِ مَا دَامَتِ النِّعَمُ وَإِنَّ زَالَتْ … الْحَمْدُ للهِ مَا دَامَ الْوُجُودُ للهِ وَحَدَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ إِنَّا لَكَ شَاكِرِينَ لَمَّا زَكَّيْتَ نُفُوسَنَا وَطَهَّرْتَهَا بِالْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَمَا حَفِظَتِهَا مِنَ الْخُبْثِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَأَعْمَرَتْ أَفْئِدَتُنَا بِالْإيمَانِ بِكَ، صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ يَا سَيِّدِيِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَى آلِكَ وَصَحْبَكَ وَسَلَّمَ، وَبَعْدَ
يَقُولُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ؛ بَعْدَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [الْبَقَرَة: 197]. فَالْحَجُّ فَرِيضَةٌ وَهُوَ آخِرُ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ، جَعَلَهُ اللَّهُ وَاجِبًا عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَقَدْ رَأَفَ اللَّهُ بِحَالِ عِبَادِهِ إِذْ لَمْ يَسْتَوْجِبْهُ إِلَّا عَلَى مَيْسُورِيِ الْحَالِ، وَقَدْ جَعَلَهُ رَسُولُ الْحَقِّ ﷺ مَنْزِلَةً أَفْضَلَ الْجِهَادِ، وَفْقًا لِلَّذِي أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا “قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ فَقَالَ لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ”، فقالت عائشة “فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”.
أُخُوَّةُ الْإِيمَانِ مَا الْحَجُّ إِلَّا وَسَيْلَتُّكُمْ لِلْخُلَّاصِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَعَلَيْكُمْ اغْتِنَامَهَا، فَمَنْ زَارَ بَيْتَ اللَّهِ فِي الْبِقَاعِ الْمُقَدَّسَةِ وَقَبِلٍ مِنْهُ حَجَّهُ عَادَتْ صَحَائِفُهُ عِندَ اللَّهِ بَيْضَاءَ لَا عَيْبَ فِيهَا، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَائِلًا “سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ” [الْبَقَرَة: 197]، وَمِنْ فَضَائِلِ الْحَجِّ أَنَّهُ مِنْ سَبَلِ الْمَغْفِرَةِ لِلْحَاجِّ وَلِغَيْرِه مِمَّنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ، اِسْتِنَادًا لِدُعَاءِ النَّبِيِّ الْأكْرَمِ ﷺ إِذْ قَالَ “اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ” [الْبَقَرَة: 197]، عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْحَجَّ خَيْرُ الْمَغَانِمِ فَاغْنَمُوهُ إِنْ كُنتُمْ ذَوِي سَعَةٍ وَقَدْرَةٍ عَلَى تَكَالِيفِهِ وَعَنَاءِ الطَّرِيقِ إِلَى عُرْفَةٍ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مُعَيِّنٌ لِمَنْ نَوَى، وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَإِنَّ فَوْزَ المستغفرين التوابين إِلَى اللَّهِ، اِسْتَغْفِرُوا اللَّهَ.
- الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ ثُمَّ الْحَمْدُ للهِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَحْمَدُكَ وَنَسْتَبْشِرُكَ وَنَسْتَهْدِيكَ وَنَتُوبُ إِلَيْكَ، نَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَمَغْفِرَةً لَا نُهْلَكَ بَعْدَهَا وَأَنْتَ الْغَفَّارُ الرَّحِيمُ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَلَّغَ عَنْهُ الرِّسَالَةَ فَأَدَّى الأمانةَ وَنَصْحَ الْأُمَّةَ وَكَشْفَ الْغَمَّةَ وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ الْجِهَادِ حَتَّى الْيَقِينِ، وَبَعْدَ
أُخُوَّةُ الْإِيمَانِ إِنَّ خَيْرَ الْأَيَّامِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا يَوْمُ عُرْفَةَ، إِذْ جَعَلَهُ اللَّهُ عِزَّ وَجَلَّ أَفْضَلَ الْأَيَّامِ الَّتِي يُبَاهِي اللَّهُ بِهَا مَلَائِكَتَهُ لِكَثْرَةٍ مَا يُعْتِقُ مِنْ رِقَابِ عَبَادِهِ الْحَجِيجَ، فَقَدْ حَدَّثَتْنَا عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ “مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عُبَيْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عُرْفَةَ، وَأَنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ اشْهَدُوا مَلَائِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ” [الْبَقَرَة: 197]، فَفِي هَذَا الْيَوْمِ يُكَوِّنُ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ أَدْنَى مَا يُكَوِّنُونَ مَنْ أَطَهَرَ بِقَاعِ الْأَرْضِ فَوْقَ عُرْفَةَ.
اِعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ الْمَقْبُولَ يَحْفَظُ صَاحِبَهُ مِنْ هَمْزَاتِ الشَّيْطَانِ الَّذِي أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُغْوِي عِبَادَهُ مَا دَامُوا أَحْيَاءً، لَكِنَّ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى مَنْ يَتَّقِي اللَّهَ بِالسِّرِّ وَالْعَلَنِ وَيُخَلِّصُ فِي إِيمَانِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلّ، قَالَ تَعَالَى {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82-83]، فَمَنْ أَسَلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَأَخْلَصَ لَهُ فِيمَا يُؤَدِّي مِنْ مَنَاسِكِ حَجِّهِ مُلْتَزِمًا سُنَّةَ النَّبِيِّ فِيهَا وَهُدِّيَهِ، كَتَبَتْ لَهُ النَّجَاةَ مِنْ غَوَايةِ الشَّيْطَانِ، وَمِنْ غَنِمِ حَجِّهِ بِالْقَبُولِ وَالرِّضَا مِنَ اللَّهِ سَلِمَ عُمُرُهُ.
وَفَضَائِلُ يَوْمِ عُرْفَةٍ وَفَرِيضَةِ الْحَجِّ كَثِيرَةٌ، تَوَجُّبٌ عَلَى الْعَبْدِ التَّقَرُّبَ مِنَ اللَّهِ لِشَكَرِهِ عَلَى جَعْلِ الْحَرَمِ لَهُم فَيَحَجُّوا إِلَيْهِ وَيَغْنَمُوا فَضَائِلَهُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الْعَنْكَبوت: 67]، وَخَيْرُ سَبَلِ الشُّكْرِ لِلَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَنَّةِ هِيَ الْعِبَادَةُ الْخَالِصَةُ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ.
عِبَادُ اللَّهِ لِقَدْ مِنَ رَبِّكُمْ عَلَيْكُمْ بِجَزِيلِ النِّعَمِ وَفَتْحٍ لَكُمْ السُّبُلَ كَيْ تَبْلُغُوا رِضَاهُ، فَعَلَيْكُمْ الِتْزَامُ بِمَا لَكُمْ فِيهِ سَعَةٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِيمَانِ تُثْبِتُوا بِهِ دِينَكُمْ وَتُوثِّقُوا عَبْرَهُ عَقِيدَتَكُمْ قَرُبًَا مِنَ اللَّهِ خَالِقِكُمْ، وَصَلِّ اللَّهُمُّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِ الْخَلْقِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَإِمَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ. اللَّهُمَّ صلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا زِدْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ بَرٌّ.
إني داعٍ فأمنوا اللهم (…………)، وآخر دوانا أن الحمد لله رب العالمين، أقيموا الصلاة أثابني وأثابكم الله.